خطبة رمضان عام 1440
 أقرأ المزيد
 
خطبة رمضان عام ١٤٣٨ هجرية
كعادتي من كل عام عند بداية الشهر الفضيل رمضان أقرأ المزيد
 
المؤتمرات العربية الإسلامية
تعليقي على عقد المؤتمرات والقلوب مشتتة وفيها ما فيها أقرأ المزيد
 
أمور ينشغل بها المصلي بلا فائدة
عليك بصلاتك وخشوعك ودع عنك ما يلهيك أقرأ المزيد
 
مآذن سويسرا
تعليق حول رجل كلمني عن هدم مآذن المساجد في سويسرا أقرأ المزيد
 
مناظرة السيد يوسف بن هاشم الرفاعي لعبد الرحمن عبد الخالق
تعليق على المناظرة وما تم فيها أقرأ المزيد
 
الانتصار للنبي العدنان
 أقرأ المزيد
 
هل نعتدي عليهم بمثل ما اعتدوا علينا !!!
فكرة نقدية حول الاعتداء على المعتدي بالمثل أقرأ المزيد
 
رسول الله ليس بالفاحش المتفحش
بيان أن التفحش والبذاءة ليست من خلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم مهما جاءت الأحاديث عن ذلك فهي مردودة عندنا غير مقبولة ولا نبرر لها أقرأ المزيد
 
التاريخ يعيد نفسه
الاتهامات الجائرة التي توجه للمفكر والباحث المتحرد للحق وليس المتعصب لمذهب ولرأي أقرأ المزيد



احفظ
العودة
حسن المقال عمّن هم الآل

ذكرت في مقالاتي السابقة حول طريقة أو كيفية الصلاة والسلام على سيدنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – بأن الصلاة لا تجب إلا عليه وعلى آله الطيبين، وأن آله هم أزواجه وذريته وأهله، فهذا هو المقصود، وهذا هو تخصيص النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه لهم دون غيرهم، وبهذا علمنا طريقة وصفة الصلاة عليه بنفس الأسلوب وتكرر مع عدد من الصحابة الذين يروون هذا الحديث كما تقدم.

ولكن هناك أقوال غير صحيحة ولا راجحة تقول أن آل بيت النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – هم أتباعه ...!!! أو الأتقياء من أمته – صلى الله عليه وآله وسلم...!!!

وحجتهم في ذلك الآتي:-

قول الله تعالى { ادخلوا آل فرعون أشد العذاب } سورة غافر:46، والمقصود هنا أتباع فرعون وكذلك قوله تعالى { إلا آل لوط نجيناهم بسحر } سورة القمر:34، والمقصود هنا أتباعه من المؤمنين، وذلك أن الآل هنا الأتباع من يتبعون رجلا معينا وهم معه دائما فهؤلاء آله، وهي دلالة على من آل أو يؤول إذا رجع إليه، ومرجع الأتباع إلى المتبوع لأنه إمامهم وموئلهم، كما نص على ذلك أهل اللغة، انظر إلى قاموس المحيط والصحاح للجوهري وغيرهما.

وأقول: هذه من الناحية اللغوية، لأن اللغة حمالة وجوه، وخاصة مفرداتها، ولها مثيلات كالصاحب، فهل للنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أصحاب من المشركين، وأن المشركين من صحابته؟!! كلا ... قال تعالى { وما صاحبكم بمجنون } سورة التكوير، وذلك أن المشركين ادعوا أن سيدنا محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم – مجنون، ليس المقصود أنهم أصحاب النبي صلى الله وآله وسلم- فهناك أمر نحتكم إليه وهي الشريعة الإسلامية والنصوص الواضحة القطعية، تبين لنا حقيقة الأمور دون لبس، فالمشركون ليسوا أصحاب النبي – صلى الله عليه وآله وسلم ولا بإخوانه، ولا من آله، ولا من أتباعه.

وقالوا أن الآل هم أتباعه فهذه من الناحية اللغوية صحيحة، ولكن المقصود الشرعي له بالنسبة للنبي الكريم - صلى الله عليه وآله وسلم- يختلف ليس كما ذهبت إليه بعض الشافعية أن الآل هم أتباعه، وليس ما نص عليه أبو العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني في لوامع الأنوار، فقوله غير صحيح ولا يقبل ، ولا ما اختاره أبو منصور محمد بن أحمد الهروي الأزهري مقبول، وقد رجح هذا الأمر النووي في شرحه على صحيح مسلم (4/368) وترجيحه غير مقبول حيث قال هناك ما نصه:

"واختلف العلماء في آل النبي صلى الله عليه وسلم على أقوال : أظهرها وهو اختيار الأزهري وغيره من المحققين أنهم جميع الأمة ، والثاني بنو هاشم وبنو المطلب ، والثالث أهل بيته صلى الله عليه وسلم وذريته . والله أعلم ." اهـ

فكلامك خطأ، ومن الأدلة على قولهم أيضا حديث عن واثلة بن الأسقع قال : سألتُ عن عليَ في منزلهِ فقيلَ لي: ذهبَ يأتي برسُولِ الله، إذ جاءَ، فدخلَ رسولُ الله، ودخلتُ، فجلسَ رسولُ الله على الفِراشِ، وأجلسَ فاطمةَ عَنْ يمينهِ، وعلياً عنْ يسارِهِ، وحسناً وحسيناً بَيْنَ يديهِ وقالَ: «{إِنَّما يُريدُ اللَّهُ ليُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} (الأحزاب: 33)، اللَّهُمَّ هؤُلاءِ أَهْلِي»، قال واثلةُ: فقلتُ مِنْ ناحيةِ البيتِ: وأنا يا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أهلِكَ؟ قالَ: «وأَنتَ مِنْ أَهْلِي»، قالَ واثلةُ: إنها لَمِنْ أَرْجى ما أرتَجِي. صحيح ابن حبان ( 6/284).

وفي السنن الكبرى للبيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ و أبو بكر القاضي و أبو عبد الله السوسي قالوا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوبَ ثنا العباس بن الوليد بن مَزْيَدٍ أخبرني أبي قال سمعت الأَوْزَاعِيَّ قال حدثني أبو عمار رجلٌ مِنَّا قالَ حدثني وَاثِلَةُ بنُ الأسْقَعِ اللَّيْثِيُّ قال: جئتُ أريدُ عليًّا رضي الله عنه فلم أجِدْهُ فقالتْ فاطمةُ رضي الله عنها: انْطَلَقَ إلى رسولِ الله يدعُوْهُ فاجلِسْ، قالَ: فجاءَ معَ رسولِ الله فَدَخَلاَ فَدَخَلْتُ مَعَهُمَا، قال: فدَعَا رسولُ الله حَسَناً وحُسَيْناً فاجلَسَ كُلَّ واحدِ منهما على فَخِذِهِ وأدْنَى فاطمةَ من حِجْرِهِ وزَوْجَهَا ثم لَفَّ عَلَيْهِمْ ثَوْبَهُ وأنا مُنْتَبِذٌ فقالَ «{إنَّمَا يُرِيْدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْراً} اللهمَّ هؤلاءِ أهلِي، اللهمَّ أهلِي أَحَقُّ »، قال واثلةُ، قلت: يا رسولَ الله وأَنَا من أهلِكَ، قال: «وأنْتَ من أهْلِي». قال واثلةُ رضي الله عنه: إنَّها لَمِنْ أرْجَى مَا أرْجُو. ( 2/518 ).

أقول: هذا من باب اللغة العربية، تلم وتشمل الكثير، أو أن هذا الأمر خاص في واثلة بن الأسقع – رضي الله عنه -حيث خصه النبي الكريم كما خص سيدنا سلمان الفارسي – رضي الله عنه – حيث قال: (( سلمان منا آل البيت )) فليس هناك تعميم على جميع المسلمين فيه.

فلابد من ضابط لهذا الخلاف في الآراء، والضابط هو كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتخصيصه وحده، ومنها أحاديث كثيرة وهي:

في الصحيحين عن سيدنا أبي هريرة – رضي الله عنه - ، قال: قَال رَسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتاً».

من المعلوم أن هذا الحديث وهذه دعوة مستجابة لم تنل كل أمته- صلى الله عليه وآله وسلم، لأن كان فيهم الأغنياء وأصحاب الجدة إلى الآن، وأما أزواجه وذريته فرزقهم قوتا، وما كان لأزواجه صلى الله عليه وآله وسلم من أموال كن يتصدقن به من بعده، وكان رزقهن قوتا.

وما رواه البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: " ما شبع آل محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – من خبز ومأدوم ثلاثة أيام حتى لحق بالله عز وجل".

ومن المعلوم أن السيدة عائشة – رضي الله عنها – لا تقصد أمة النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، فهؤلاء لم يدخلوا في لفظها ولا مرادها.

وروى البخاري ومسلم حديث سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: " كان رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – يؤتى بالنخل عند صرامه فيجيء هذا بتمره، وهذا بتمره، حتى يصير عنده كوم من تمر فجعل الحسن والحسين يلعبان بذلك التمر، فأخذ أحدهما تمرة فجعلها في فيه، فنظر إليه رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم- فأخرجها من فيه فقال: (( أعلمت أن آل محمد لا يأكلون الصدقة )).

وأقول: لو أن معنى آل محمد هم أمته فلا يجوز لأحد أخذ الصدقات، أي الزكاة وهو ركن من أركان الإسلام، ولتعطل هذا الركن وما عاد له قيمة، ولا يصح لأي إمام أجبار أو قتال قوم رفضوا دفع الزكاة أو أخذها من قبل الفقراء في حالة رفضهم لقبول الزكاة، وأصروا على ذلك كما هو معروف في الفقه، ومن باب أولى أن مانعي الزكاة في عهد سيدنا أبي بكر الصديق على حق ولكانت حجتهم أن أمة النبي لا تجب عليها أخذ الزكاة كونهم من آل النبي، أي أن أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من آل البيت الكريم.

فهذا قول في قمة الفساد وكلام أو رأي غير مقبول ألبته، من أي كائن من كان.

وجاء في الصحيحين في حديث طويل عن ابن شهابٍ الزهري عن عُروةَ عن عائشة رضيَ اللّهُ عنها «أنَّ فاطمةَ عليها السلامُ بنتَ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أرسلَتْ إلى أبي بكرٍ تسألُه مِيراثها من رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم مما أفاء اللّهُ عليه بالمدينةِ وفَدَك وما بقيَ من خُمس خيبرَ، فقال أبو بكر: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم قال: لا نُورَثُ، ما تركنا صدقة، إنما يأكلُ آلُ محمد صلى الله عليه وسلّم من هذا المال ...الحديث" .

وأقول: هذا خاص في آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم أزواجه وذريته دون أمته.

ومما يدل على أن آل البيت هم أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذريته آية التطهير في سورة الأحزاب الآية 33 حيث قال الله تعالى : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } وهذه الآية جاء قبلها وبعدها تخاطب نساء النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ثم أن النبي شمل أبناءه وجللهم بكسائه وهم فاطمة وزوجها علي وأبنائهما الحسن والحسين – رضي الله عنهم جميعا - ثم قال: ((اللهمَّ هؤلاءِ أهلِي، اللهمَّ أهلِي أَحَقُّ )) وهذا يرويه واثلة بن الأسقع وأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنهما.

فهذا تأكيد منه صلى الله عليه وآله وسلم فيمن هم آل بيته..!!

أما من يقول أن آل البيت هم الأتقياء من الأمة، فقول غير مقبول بل تافه، حيث يستدل أولئك القوم بحديث وهو:

بما رواه الطبراني من حديث نوح بن أبي مريم عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن أنس بن مالك قال: سئل رَسولُ الله صلى الله عليه وسلّم مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ؟ فقال: «كُلُّ تَقِيٍّ»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «{إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ المُتَّقُونَ}» .

وهذا حديث ضعيف فيه نوح بن أبي مريم، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ( 10/475) : رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه: نوح بن أبي مريم، وهو ضعيف.

وفي سنن الكبرى للبيهقي (2/512) وفيه عن أبي هرمز عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : سُئِلَ رسولُ الله – صلى الله عليه وآله وسلم – من آلْ محمدٍ؟ قال: «كُلُّ تَقِيَ».

ثم قال الإمام البيهقي هناك: وهذا لا يَحِلُّ الاحْتِجَاجُ بمِثْلِهِ، نافعٌ السُّلَمِيُّ أبو هُرْمُزَ بِصْرِيٌّ، كَذَّبَهُ يحيى بن مَعِيْنٍ وضعَّفَهُ أحمدُ بنُ حنبلٍ وغيرُهُمَا من الحفاظِ. وبالله التوفيقُ.

وأقول: هذه الأحاديث مردودة كلها لضعفها، ولا نحتج بها لوجود الأحاديث الصحيحة التي تردها، فلا نضيع الوقت فيها لأنها معلومة ردها بما تقرر في علم الأصول.

فلذلك يتبين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رفع الشبهة عمن هم آل البيت في حديثه (( إن الصدقة لا تحل لآل محمد )) وقوله: (( إنما يأكل آل محمد من هذا المال )) وقوله أيضا: (( اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا )).

ولهذا فلا يجوز أن يراد به عموم الأمة قطعا، فأول ما حمل عليه الآل في الصلاة، هم الآل المذكورون في سائر ألفاظه ولا يجوز العدول عنه لأقوال غير صحيحة لقول فلان وعلان، فلا نقدم شيئا على كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلذلك إنني أذهب إلى أن الصلاة على النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – تكون له وآل بيته وهم أزواجه وذريته عليهم السلام، وهذا في الصلاة عند التشهد الأخير أو غيرها، وأما الصحابة فلهم أن نترضى عليهم ولقوله تعالى { قد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجر .... الآية } سورة الفتح.

وأرى القول على هذه الصيغة لمن شاء عند الاستفتاح أو الاختتام

( صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين... ورضي الله تعالى عن أصحابه المتقين )

والله أعلى وأعلم.