مما أشيع عند طلبة العلم مقولة بأن الإمام جعفر الصادق ابتلي بتلاميذٍ وأتباعٍ افتروا عليه الأكاذيب، ونسبوا مذهبه ما ليس فيه، والإمام أحمد بن حنبل ابتلي بأتباع كذبوا عليه ونسبوا مذهبه ما ليس منه أيضا ... أقول: بالنسبة للإمام أحمد بن حنبل، فقول صحيح، لأن هناك ممن هم منتمين لمذهبه وهم من كبار الحشوية أو المجسمة نسبوا مذهبه، أو نسبوه إلى دائرة التشبيه والتجسيم، وعلى رأسهم أبو يعلى الفراء الغدادي الحنبلي، وكان قاضيا في بغداد، تكلم في العقائد وشان مذهب الإمام أحمد شينا قبيحا، وقد قال عنه الإمام ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ (8/104) ما نصه: ( لقد خري أبو يعلى على الحنابلة خرية لا يغسلها الماء ) اهـ
وهناك غيره مثل ابن بطة العكبري، والخلال، والزاغوني، والبربهاري، وابن أبي حامد الورّاق، وابن تيمية، ولذلك كان يقول الإمام ابن الجوزي الحنبلي وهو ينصح الحنابلة في كتابه " دفع شبه التشبيه" ما نصه: ( فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس منه) اهـ وذلك لما حشى أبو يعلى الفراء مذهب الحنابلة من التجسيم والتشبيه بكتابه " إبطال التأويلات".
أما الإمام جعفر الصادق فالكلام حوله غير صحيح، لأن من تتلمذوا على يديه منهم أئمة ومنهم ثقات روى عنهم البخاري ومسلم الأحاديث، تجد ترجمة الإمام جعفر بن محمد الصادق في كتب الجرح والتعديل مثل تهذيب الكمال (5/75) تجد الرواة الذين ينقلون عنه العلوم على ما يلي:
الأئمة في الدين ممن نقلوا عنه وتتلمذوا على يديه:-
الإمام سفيان الثوري والإمام سفيان بن عيينة، والحافظ يحيى بن سعيد القطان .
ومن الروات الثقات في أحد الصحيحين أو كلاهما فكثير جدا منهم الأئمة السابقة أسماؤهم السفيانين والحافظ القطان، ومعهم أيضا:
عبد العزيز بن محمد الداوردي، يحيى بن سعيد الأنصاري، حفص بن عياث، الحسن بن عباس، شعبة بن الحجاج، عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وغيرهم كثير .. وهم رواة ثقات ورعين وعلى الرغم من ذلك يُقال أن تلاميذ الإمام الصادق ليسوا ثقات ويفترون الكذب عليه، إن كان كذلك فكيف نجد أسماءهم في الصحيحين أو أحدهما من رجال البخاري ومسلم؟!!
ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان :
لم قلّت الروايات عندنا في الصحيحين وغيرهما عن الأئمة آل البيت رغم وجود رجال الثقات ومنهم أئمة في الدين!؟
الجواب على ذلك هو: تأثير ظلم وبطش بني أمية وبني العباس والدليل أن الإمام حسن البصري كان يدلس عن سيدنا علي بن أبي طالب – عليه السلام – ولا يصرح بإسمه خوفا من بطش الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق آنذاك من قبل بني مروان الأمويين، وكان الحجاج يبغض عليا بغضا شيديدا ويبالغ في النيل منه ولعنه، وقد كفره الإمام عاصم ابن أبي النجود ... حيث نقل الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتاب تهذيب التهذيب (2/185) يقول: ( قال طاوس: عجبت لمن يسميه مؤمنا، وكفَّره جماعة منهم: سعيد بن جبير، والنخعي، ومجاهد، وعاصم بن أبي النجود ... ) اهـ
ومما يؤكد على قولي في الظلم والقهر نقل الحافظ الذهبي في ترجمة الإمام الأوزاعي في " سير أعلام النبلاء " (7/130-131) أن الأوزاعي قال : [ ما أخذنا العطاء حتى شهدنا على عليٍّ بالنفاق ، وتبرأنا منه ، وأخذ علينا بذلك الطلاق والعتاق وأيمان البيعة .فلما عَقَلْتُ أمري سألت مكحولاً ويحيى بن أبي كثير وعطاء بن أبي رباح وعبدالله بن عبيد بن عمير فقال ( أي كل واحد منهم ) ليس عليك شيء إنما أنت مُكْرَه ، فلم تقرَّ عيني حتى فارقت نسائي وأعتقت رقيقي وخرجت عن مالي ، وكفَّرت أيماني ، فأخبرني سفيان كان يفعل ذلك ] انتهى .
وكتبه / بدر الورّاد
02/جمادى الثانية/1432
04/05/2011