خطبة رمضان عام 1440
 أقرأ المزيد
 
خطبة رمضان عام ١٤٣٨ هجرية
كعادتي من كل عام عند بداية الشهر الفضيل رمضان أقرأ المزيد
 
المؤتمرات العربية الإسلامية
تعليقي على عقد المؤتمرات والقلوب مشتتة وفيها ما فيها أقرأ المزيد
 
أمور ينشغل بها المصلي بلا فائدة
عليك بصلاتك وخشوعك ودع عنك ما يلهيك أقرأ المزيد
 
مآذن سويسرا
تعليق حول رجل كلمني عن هدم مآذن المساجد في سويسرا أقرأ المزيد
 
مناظرة السيد يوسف بن هاشم الرفاعي لعبد الرحمن عبد الخالق
تعليق على المناظرة وما تم فيها أقرأ المزيد
 
الانتصار للنبي العدنان
 أقرأ المزيد
 
هل نعتدي عليهم بمثل ما اعتدوا علينا !!!
فكرة نقدية حول الاعتداء على المعتدي بالمثل أقرأ المزيد
 
رسول الله ليس بالفاحش المتفحش
بيان أن التفحش والبذاءة ليست من خلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم مهما جاءت الأحاديث عن ذلك فهي مردودة عندنا غير مقبولة ولا نبرر لها أقرأ المزيد
 
التاريخ يعيد نفسه
الاتهامات الجائرة التي توجه للمفكر والباحث المتحرد للحق وليس المتعصب لمذهب ولرأي أقرأ المزيد



احفظ
العودة
القناعة في مسألة الشفاعة

كثر الجدل حول مسألة الشفاعة، فمنهم من ينهى عنها لزعمهم أن طلب الشفاعة من مخلوق لشخص لا قدرة له وليس من حقه شرك بالله تعالى، ومنهم من قال أن ذلك يفضي إلى الشرك، ومنهم من يقول بأنه لم يثبت ذلك لا في الكتاب ولا في السنة وقالوا غير ذلك من المزاعم التي تدل على الجهل في مسألة الشفاعة وطلب الشفاعة.

وأبدأ بقول الإمام اللقاني – رحمه الله تعالى -  في منظومته المعنونة بجوهرة التوحيد:-

وواجبٌ شَفاعَةُ المُشفعِ                محمَّدٍ مُقَدَّمًا لا تَمْنَعِ

وقال الإمام البيجوري في حاشيته :الشفاعة لغة هي الوسيلة والطلب، وعرفا سؤال الخير من الغير للغير.

قال الشيخ محمد أمين الكردي النقشبندي في كتابه " تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب" ص81 ما نصه:

" ومما يجب اعتقاده أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – يشفع للعباد يوم القيامة، وأنه تقبل شفاعته وأنه مقدم على غيره من جميع الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين، قال صلى الله عليه وآله وسلم (( أنا أوَّلُ شافِعٍ وأوَّل مُشَفَّعٍ يومَ القيامة ولا فخر )) أخرجه الترمذي" اهـ

ورسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – يشفع لأمته يوم القيامة وهي الشفاعة العظمى وهو المقام المحمود والأنبياء يشفعون، وكذا الملائكة، والشهداء، والصالحين من عباد الله تعالى، وكذلك العلماء العاملون، وكذلك يجوز التوسل بالأعمال الصالحة ..

ففي مجمع الزوائد وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :

«إِنَّ الرَّجُلَ لَيَشْفَعُ لِلرَّجُلَيْنِ والثَّلاثَةِ» . قال الحافظ الهيتمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد(10/694)

وجاء في صحيح مسلم والبخاري وموطأ الإمام مالك، ومسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان وغيرهم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ : «لِكُلِّ نَبِيَ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ. فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيَ دَعْوَتَهُ. وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأِمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَهِيَ نَائِلَةٌ، إِنْ شَاءَ الله، مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لاَ يُشْرِكُ بِالله شَيْئاً». واللفظ لمسلم (11/96) والموطأ (1/213).

وفي صحيح مسلم وسنن الكبرى للبيهقي وكذلك مسند الإمام أحمد عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«اقرؤا القرآن فإنه يأتي شفيعاً يوم القيامة لصاحبه، اقرؤا الزهراوين البقرة وآل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غيايتان، أو كأنهما غمامتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن أصحابهما، اقرؤا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة».

قال معاويةُ ،[ وهو مُعَاوِيَةُ بنُ سَلاَّمِ بنِ أبي سَلاَّم ويقال: الألْهَانِـي ، أبو سَلاَّمٍ الدِّمَشْقِـي ] : البَطَلَةُ السَّحَرَةُ. قال الحافظ البيهقي: رواه مسلـم فـي الصحيح عن حسنٍ الـحُلْوَانِـيِّ عن أبـي تَوْبَةَ.... سنن الكبرى للبيهقي (3/381) صحيح مسلم (6/74)

كل ما فات من الأدلة على الشفاعة فيما يتعلق بيوم القيامة، أما في الحياة الدنيا فيجوز الاستشفاع بالأنبياء وبالصالحين وأما الاستشفاع بالأنبياء وبالصالحين ففي صحيح البخاري عن أنسٍ رضيَ الله عنه «أنَّ عمرَ بن الخطَّابِ كان إذا قَحَطوا استسقى بالعباسِ بن عبدِ المطلبِ فقال: اللهمَّ إنّا كنّا نَتَوسَّلُ إليك بنبيِّنا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسَّل إليك بعمِّ نبينا فاسقِنا، قال: فيُسْقون».

وقال الحافظ ابن حجر بعد كلام:" ..... ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة، وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته بحقه." اهـ فتح الباري شرح صحيح البخاري (2/497).

أما الاستشفاع بالنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بعد ما انتقل إلى جوار ربه فجائز، وهذا ما دلل عليه العلماء – رضي الله عنهم – ولقول الله تعالى في كتابه الكريم:

{ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤا أَنفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَٱسْتَغْفَرُوا ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُوا ٱللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا } . سورة النساء:64.

وذكر عماد الدين إسماعيل بن كثير في تفسيره عن الآية فقال: " يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فيستغفروا الله عنده ويسألوه أن يستغفر لهم، فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم " اهـ

ثم قال بعد ذلك:

" وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو نصر بن الصباغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي، قال: كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يارسول الله، سمعت الله يقول :

{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاءوكَ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً }

وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي. ثم أنشأ يقول:

ياخيـر من دفنـت بالقـاع أعظمـه       فطـاب من طيبهن القــاع والأكــم

نفسي الفــداء لقبــر أنت ساكنـه         فيه العفـاف وفيـه الجود والكــرم

ثم انصرف الأعرابي، فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال ياعتبي، الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له». اهـ

وقد ذكر هذه الحكاية عدد من العلماء مثل القرطبي في تفسيره على الآية نفسها والإمام النووي الشافعي في الإيضاح لمناسك الحج العمرة ص 454، وابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني (3/556)، والشيخ منصور البهوتي الحنبلي في كتابه كشاف القناع (5/30 ) وكلهم مجوزون ذلك ويؤكدون عليه عند زيارة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم في الحج أو العمرة والاستغفار والاستشفاع عنده صلى الله عليه وآله وسلم.

 

رأي المذاهب حول الشفاعة

ففي فقه السادة الأحناف في كتاب "مجمع الأنهر" لشيخي زادة الحنفي في كتاب الحج يقول بعد كلام:

" ... ويقف كما يقف في الصلاة، ويقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا خير خلق الله السلام عليك يا سيد ولد آدم إني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد إنك عبده ورسوله وأمينه أشهد إنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة ونصحت الأمة، وكشفت الغمة فجزاك الله عنا خيراً جزاك الله عنا أفضل ما جازى نبياً عن أمته اللهم اعط سيدنا عبدك ورسولك محمداً الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، وأنزله المنزل المبارك عندك سبحانك أنت ذو الفضل العظيم، ثم يسأل الله تعالى حاجته وأعظم الحاجات سؤال حسن الخاتمة وطلب المغفرة، ويقول: السلام عليك يا رسول الله أسألك الشفاعة الكبرى، وأتوسل بك إلى الله تعالى في أن أموت مسلماً على ملتك وسنّتك، وأن أحشر في زمرة عباد الله الصالحين" اهـ " مجمع الأنهر" (1/312)

وجاء في المغني في مختصر الخرقي لابن قدامة في فقه الحنابلة ما نصه:

" ... وقد أتيتك مستغفراً من ذنوبي، ومستشفعاً بك إلى ربي، فأسألك يا رب أن توجب لي المغفرة كما أوجبتها لمن أتاه في حياته، اللهم اجعله أول الشافعين، وأنجح السائلين، وأكرم الآخرين والأولين. برحمتك يا أرحم الراحمين، ثم يدعو لوالديه ولإخوانه وللمسلمين أجمعين. ثم يتقدم قليلاً ويقول السلام عليك يا أبا بكر الصديق السلام عليك يا عمر الفاروق السلام عليكما يا صاحبي رسول الله وضجيعيه ووزيريه ورحمة الله وبركاته اللهم اجزهما عن نبيهما وعن الإسلام خيراً سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار اللهم لا تجعله آخر العهد من قبر نبيك ومن حرم مسجدك يا أرحم الراحمين." اهـ المغني في مختصر الخرقي (5/381).

وبما تقدم يجب أن يُعلم أن الشفاعة تكون للمسلم، فلا يُشْفع في الكافر لقول الله تعالى { فما تنفعهم شفاعة الشافعين } سورة المدثر:48 .

 

ولابن تيمية كلام جيد في هذا الباب حيث سئل سؤالا وهو:

هل يجوز للإنسان أن يتشفَّع بالنبي صلى الله عليه وسلّم في طلب حاجة أم لا؟

فأجاب ابن تيمية قائلا:

" الحمد لله ـ أجمع المسلمون على أن النبي صلى الله عليه وسلّم يشفع للخلق يوم القيامة بعد أن يسأله الناس ذلك وبعد أن يأذن الله له في الشفاعة.

ثم أهل السنة والجماعة متفقون على ما اتفقت عليه الصحابة واستفاضت به السنن من أنه يشفع لأهل الكبائر من أمته ويشفع أيضاً لعموم الخلق.

وأما الوعيدية من الخوارج والمعتزلة فزعموا أن شفاعته إنما هي للؤمنين خاصة في رفع الدرجات. ومنهم من أنكر الشفاعة مطلقاً.

وأجمع أهل العلم على أن الصحابة كانوا يستشفعون به في حياته، ويتوسلون بحضرته، كما ثبت في صحيح البخاري عن أنس أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فقال: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وإِنَّا نَتَوسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا ـ فَيُسْقَوْنَ.

وفي البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلّم يَستسقي فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب.

وَأَبْيض يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ       ثمَالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِلِ

فالاستسقاء هو من جنس الاستشفاع به وهو أن يطلب منه الدعاء والشفاعة ويطلب من الله أن يقبل دعاءه وشفاعته فينا.

وكذلك معاوية بن أبي سفيان لما أجدب الناس في الشام استسقى بيزيد بن الأسود الجرشي رضي الله تعالى عنه وقال: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ وَنَتَوسَّلُ إلَيْكَ بِخِيَارِنَا، يَا يَزِيدُ ارْفَعْ يَدَيْكَ ، فرفع يديه ودعا الناس حتى سقوا، ولهذا قال العلماء يستحب أن يستسقى بأهل الدين والصلاح وإذا كانوا بهذه المثابة وهم من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان أحسن.

          وفي سنن أبي داود وغيره أن رجلاً قال: إنَّا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك فسبّح رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى رئي ذلك في وجوه أصحابه فقال: «وَيْحَكَ أَتَدْرِي مَا الله؟ إنَّ الله لاَ يُسْتَشْفَعُ به عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ» فأنكر عليه قوله: إنا نستشفع بالله عليك ولم ينكر عليه قوله نستشفع بك على الله ـ لأن الشفيع يسأل المشفوع إليه أن يقضي حاجة الطالب والله تعالى لا يسأل أحداً من عباده أن يقضي حوائج خلقه وإن كان بعض الشعراء، ذكر" اهـ رسائل ومسائل ابن تيمية (1/16).

فهذه فقط أدلة على من ينكر على الاستشفاع من متبعي مدرسة ابن تيمية ليروا عميدهم وماذا يقول في هذه المسألة وما هو رأيه في ذلك، مع إني لستُ ممن يستدل على المسائل الفقهية من فتاوى ابن تيمية!! ولكن أتيت بقوله لأثبت أن شيخهم ابن تيمية لا يرى بأسا بالشفاعة والتوسل.

أما قول ابن تيمية أنَّ الصحابة يستشفعون ويتوسلون بحياة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وكأنه مموِّها أن ذلك في حياة النبي ولا تجوز بعد وفاته – صلى الله عليه وآله وسلم – فهذا من الخطأ عند ابن تيمية، وذلك لأسباب وهي:-

الأول: أنه مما أجمع عليه المسلمون في جواز الاستشفاع به صلى الله عليه وآله وسلم حيًّا وميتًا كما تقدم عند أهل المذاهب الأربعة وغيرها.

الثاني: جاء حديث في التوسل ونصه

ما رواه الإمام أحمد في مسنده (4/138) وأصحاب السنن الأربعة والموطأ للإمام مالك والمستدرك على الصحيحين للحاكم وصححه ووافقه الذهبي (1/313 )

عَن عثمان بْن حنيف: أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي بن حنيف فشكى ذلك إليه فقال له عثمان بن حنيف ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصلِّ فيه ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فتقضي لي حاجتي وتذكر حاجتك ورح حتى أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال له ثم أتى باب عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه فأجلسه معه على الطنفسة فقال حاجتك فذكر حاجته وقضاها له ثم قال له ما ذكرت حاجتك حتى كان الساعة وقال ما كانت لك من حاجة فأذكرها ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في فقال عثمان بن حنيف والله ما كلمته ولكني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فشكى إليه ذهاب بصره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم فتصبر فقال يا رسول الله ليس لي قائد وقد شق علي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم أدع بهذه الدعوات قال بن حنيف فو الله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط.

وهذا دليل أن الصحابي الجليل عثمان بن حنيف – رضي الله عنه – يرى جواز التوسل والاسشفاع بالنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بعد وفاته من أجل ذلك علمه ذلك الحديث للرجل الذي كان يختلف عند سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجته وذلك في أيام خلافته.

وفي فيض القدير شرح جامع الصغير للإمام المناوي – رحمه الله تعالى – قال في هذا الحديث وخاصة في الحواشي السفلية مع الاختصار:

" أما بشأن قوله أنه لم ينكر التوسل أحدٌ من السلف فيكفي عليه دليلا رواية الترمذي وابن ماجة والحاكم لهذا الحديث، وحكم الحاكم أنه أنه صحيح على شرط البخاري ومسلم، وتلقى الأمة له بالقبول والتطبيق مئات من السنين، دون أي تردد في ذلك القبول.

أما بشأن صحة استعمال هذا الدعاء على ممر الأجيال، بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أجلّ وأصوب حكم حول ذلك الأمر .... بلا منازع على الإطلاق هو الصحابي عثمان بن حنيف نفسه حيث قد علمه أيضا لأحدهم أثناء خلافة عثمان رضي الله عنه وقضيت حاجته، وكان هذا سببا لرواية الحديث، فلينتبه!!! .... " اهـ

الثالث: تقرر في علم الأصول أنه لايوجد دليل اسمه عدم الفعل أو أنه لم يثبت فعل ذلك من النبي – صلى الله عليه وسلم – أو أحد من صحابته ليكون دليلٌ في النهي أو المنع أو عدم الجواز أو التحريم، فهذا عدم دليل لا يقبل، فكم من أشياء لم يثبت فعلها من النبي الكريم أو من صحابته الأبرار وهي من الأمور المستحبة والجائزة عندنا منها جمع القرآن واتخاذ المنابر وبناء دور التعليم والمستشفيات وغيرها من الأعمال الصالحة.

الرابع: أن العلماء ذكروا الحديث وتناقلوه في باب فقهي وهو طلب قضاء الحاجة وباب آخر في الدعاء بجواز التوسل والاستشفاع به صلى الله عليه وآله وسلم.

         

 

وهناك ملاحظة:

          في كتاب اسمه " نحت حديد الباطل وبرده في أدلة الحق الذابة عن صاحب البردة" للشيخ داود بن سليمان النقشبندي الخالدي الشافعي المتوفي سنة 1299 هجرية رحمه الله.

          والكتاب جيد من حيث أنه جاء بأدلة الجواز في التوسل والشفاعة والقول بأن من علوم النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – علم اللوح والقلم وغير ذلك، ولكنه جاء بحديث موضوع ومتنه منكر ليستدل عليه في جواز الشفاعة وعلم النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما نعاني منه بأن أحد الوعاظ والصوفية يستدل بأحاديث موضوعة ومنكرة المتن في الاستدلال على مسألة فقهية.

          الأحاديث والتي من ألفاظها (( رأيت ربي في المنام في صورة شابٍ أمرد )) أو بلفظ آخر(( رأيت ربي في أحسن صورة )) ولفظ (( أتاني ربي في أحسن صورة ))  ولفظ (( ولما أسري بي رأيت الرحمن تعالى في صورة شابٍ أمرد، له نور يتلألأ ... )) وحديث أم الطفيل وفيه (( رأى ربه عز وجل في المنام في أحسن صورة، شابًا موفرًا، رجلاه في خضرة ...)) كلها ما بين الضعيف والمنكر والموضوع.

          وكم من شيخ يستشهد بتلك الأحاديث الموضوعة مع الأسف الشديد عند استشهاده في القول بجواز الشفاعة وخلال مواعظه.

إنني أوجه أنظار إخواني المؤمنين إلى المحدثين والعلماء الأجلاء منهم العلامة السيد الشريف المحدث أبو اليسر عبد العزيز بن الصديق الغماري رحمه الله ورسالته ( القول الأسدّ في بيان حال حديث "رأيت ربي في صورة شاب أمرد").

          وكذلك السيد الشريف العلامة حسن بن علي السقاف – حفظه الله – في رسالته بعنوان ( أقوال الحفّاظ المنثوره لبيان وضع حديث رأيتُ ربي في أحسن صوره )

          وقد ذكر عدد من هذه الأحاديث الحافظ ابن الجوزي رحمه الله في كتابه ( دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه ) ورد عليها بأنها منكرة وموضوعة.

          أسأل الله العلي القدير أن ينير بصائر المؤمنين إنه القادر المعين وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين.

 

كتبه

بدر الورّاد

عفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين

29 من ذي الحجة 1427 هجرية

19 /1/2007 ميلادية