الدولة العلمانية
الدولة العلمانية، هي الدولة الناجحة في مواجهة التطرّف الطائفي، والفئوي، بين الجماعات المتشددة، والدولة المتزمتة.
1. الدولة التي تطبق مذهبا معينا، وتفرضه على الجميع، ممن ينتمي لهذا المذهب، أو لا ينتمي ... فهذه دولة فاشلة لا تدوم على أمرٍ طيب.
2. الدولة التي تطبق مذهبا معينًا وتقول بأنها تطبق الشريعة الإسلامية. نقول لها: وماذا عن بقية المذاهب! لِمَ لا تطبقينها!؟ أإسلامية هي الأخرى أم لا!؟
3. سيدنا يوسف وسيدنا محمد صلى الله عليهما وسلم طبقوا مبدأ الدولة العلمانية على الشعب، فسيدنا يوسف -عليه الصلاة والسلام- طبقا مع شعب مصر، على حسب قانون الملك، ومع إخوته حينما افتقدوا صراع الملك، عاملهم بما عندهم من قانون مذهبهم!! وليس بقوانين ملك مصر!!
4. أما سيدنا رسول الله ﷺ عامل اليهود بما عندهم في التوراة، وبما فيه من تعاليم، طبقها عليهم، ولم يفرض تعاليم الشريعة الإسلامية عليهم، لأنه لا إكراه في الدين وكذلك لا إكراه في تطبيق تعاليم الشريعة الإسلامية على غير المسلمين!!
5. فكل أمة تحاسب بما عندها من تعاليم وقوانين.
ملخص الكلام:
عدم فرض قانون، وتعاليم معينة على الجميع.
لذا قلت:
فصل الدولة عن الممارسات الدينية بمعنى فصل الدولة والسياسة عن الممارسات الدينية وأرى ذلك ناجحا وضروريا في حياتنا كوننا شعوبا متعددي الطوائف منها المتشدد إلى حد الغلو ومنا المتساهل ومنا الوسط بين بين، ومع ذلك نرى الدول التي تقول أنها تطبق الشريعة، فنقول أي شريعة تطبق أمام مجموعة من الشرائح المتعددة من مجتمع طائفي؟!
نرى منهم من يطبق منهج الحنابلة بحذافيره وتفرضه على الجميع، وأخرى تطبق مذهب المالكية وتفرضه فرضا على الجميع ولا تسمح بدراسة أي مذهب آخر ومن يدرس مذهبا غير المعتمد به في الدولة تعرّض للمساءلة القانونية والسجن!!!
وأخرى لا تطبق في محاكمها إلا مذهب أبي حنيفة النعمان دون غيره!!
ودولة أخرى تطبق مذهب الجعفرية وتفرضه على الكل
والجميع يقول نحن نطبق الشريعة الإسلامية
عجبي والله
هذه الدولة تطبق المذهب الشافعي فقط!! مثلا، نقول لها: فما بال المذاهب الأخرى أليست إسلامية مستمدة من الشرع!!
وهل تفرضيه على من كان مذهبه زيديا أو إباضيا؟!
كم حدثت حروبًا وقتالاً بين هذه المذاهب في مدن ودول مختلفة عبر التاريخ إلى يومنا هذا وقد ذكرت منها عددا في تأليفاتي ومقالاتي المتعددة!!
فالعلمانية حل ناجح لهذه المشاكل لأنه يجمع الكل تحت دولة واحدة والكل يمارس دينه بما يملي عليه مذهبه الذي يتبعه
والرسول ﷺ مارسه في المدينة المنورة بعد الهجرة مباشرة، وهو أمر غريب على المتحجرة المتزمتين لا يعملون عقولهم، أو أنهم فهموا العلمانية فهما مغايرا للحقيقتها
المهم لا أفرض عليك دينا ولا مذهبا يغاير عن مذهبك ودينك
حتى سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام مارسه كذلك مع إخوته، ومع أهل مصر.
بينما وأنا أكتب هذه الكلمات تذكرت لقاءً تم في القنواة الفضائية مع شيخنا العلامة أحمد بن حمد الخليلي، حفظه الله تعالى حيث قال له المذيع: أنت مفتي الإباضية في سلطنة عُمان ...
فرد الشيخ مصححا له: بل مفتي المسلمين في السلطنة!!
لفته طيبة منه بحيث كونه مفتيًا للمسلمين في السلطنة بشتى أطيافهم، وليس مفتيًا لطائفة معينة، ولا يفرض تعاليم تلك الطائفة على الجميع من طوائف أخرى تعيش داخل السلطنة.
والحمد لله تعالى
كتبه
بدر الوراد
سلطنة عمان - صلالة
٢٨/١/٢٠١٧ م
الموالفق
ثلاثين من الربيع الآخر ١٤٣٨ هـ